• بقلم حسام صادق
  • بقلم محمود حجازي
  • بقلم أحمد عبود
  • بقلم أحمد نبيل

السبت، 26 نوفمبر 2011

دعونا نخطئ .. دعونا نتعلم





دعونا نخطىء..دعونا نتعلم
مقدمة لا بد منها :
كنا نتمنى أن نتحدث عن المأساة التي تشهدها البلاد حالياً .. لكن اختلاط الأوراق .. والحابل بالنابل .. وانتحال البلطجي شخصية الثورجي .. وأحياناً شخصية ضابط أمن .. قررنا أن ننأى بأقلامنا عن هذا الجنون .. حتى تنتهي الأحداث .. وتتضح الأمور .. ونعرف اللون الأبيض من الأسود والرمادي والمتلون ... حينها فقط نستطيع الكتابة بضمير مستريح .. خاصة أننا مدونة رأي .. ولسنا مدونة أخبار !!!
***
هل ستشارك فى الانتخابات البرلمانية المقبلة ؟ سؤال وجهته إلى نفسى أكثر من مرة فى الفترة الأخيرة وبصراحة لم أستطع أن أقطع بإجابة واضحة وصريحة حتى الآن,فتارة أرى أننى يجب أن أؤدى دورى فى هذه المهمة الوطنية فضلاً عن أننى لا أحب أن ألعب دور المتفرج وأكره أن أكون من الأغلبية الصامتة وتارة أخرى أنظر إلى ساحة المعركة الانتخابية فتشمئز نفسى وتتحطم آمالى على صخرة التناحر والتخوين وأتسائل لو أننى نزلت إلى هذه الساحة فمع من سأكون وضد من ؟ من يستحق ثقتى؟ ومن يمكنه أن يمثلنى ويعبر عنى فى البرلمان؟
فكل يوم حزب وحركة وائتلاف و كل ساعة تناحر وتخوين وتكفير وخلاف , لا أرى قوة كبيرة قائمة بذاتها تحمل صفات ومقومات القيادة والقوة وإن وجدت فهى لا تسعى إلا لمصالحها وتضع اسمها قبل اسم مصر وبصفة عامة الكل يريد أن ينال أكبر جزء من الكعكة والكل لا يسعى إلا للسيطرة على البرلمان ليملك القوة ويسير البلد بالطريقة التى يهواها غافلاً أو متغافلاً تأثير هذه المعارك السياسية على الشارع المصرى فالجميع أصبح مشتتاً وثقة الناس فى الأحزاب مهتزة إلى حد كبير وبدلاً من أن يجلسوا على طاولة واحدة ليبحثوا مشاكل مصر التى تركها لنا مبارك سواء فى الصحة والاقتصاد والتعليم والمواصلات وغيرها ويضعوا خطة وتصوراً لحل هذه المشكلات بحيث يبدأون فى تنفيذها على الفور بمجرد انتخاب البرلمان ومن ثم تشكيل الحكومة بغض النظر عمن تكون له أغلبية البرلمان .
 ولكن هيهات أن ينفذ حزب خطة إصلاحية ليس هو واضعها ولا تختتم بتوقيع رئيس الحزب  فإذا بهم يتناحرون ويتلونون حسب الموقف ولا يتفقون على شيء ولا يضحون من أجل شيء فلا القوى الكبيرة مستعدة للصبر قليلاً حتى يتسنى للقوى الصغيرة أن تتم استعدادها ولا القوى الصغيرة أدركت مدى ضعفها وضعف تواجدها فى الشارع وتوحدت فى حزب أو حزبين , وحتى التحالف الوحيد الذى تم فيما سمى بالتحالف الديمقراطى والذى كان يضم 28 حزب أعلن حزب الحرية والعدالة أنه يستهدف 33.3% من القائمة وأعلن حزب الوفد عن رغبتة فى 40% من القائمة وبحسبة بسيطة نجد أن 26 حزب يتنافسون على 27% طبعا كان هذا قبل أن يصل عدد أحزاب التحالف الـ 40 حزب ومع اقتراب موعد الانتخابات انكشف المستور و كشفت الأحزاب الكبيرة عن وجهها القبيح وأصرت على الحصول على نسب خيالية من قائمة التحالف ولم تترك للأحزاب الأخرى سوى الفتات فأخذت هذه الاحزاب تنسحب للنجاة من هذا التحالف المشوه وغير العادل حتى  وصلوا الآن إلى 11 حزباً فقط على رأسها الأخوان أما الوفد فقد أعلن أنه ليس بهذه الدرجة من السذاجة حتى يتخذهم الاخوان كـ"كوبرى" للعبور إلى البرلمان ..
 خلاصة القول أن الجميع تحالف من أجل مصلحته والجميع انقسم وتناحر أيضًا من أجل مصلحته  بمعنى آخر إذا لم تكن منتمياً للأخوان أو متعاطفاً مع الوفد فهذا يعنى أنه لن يكون لك صفة وتمثيل في البرلمان القادم وعلى المستوى الشخصى أنا لست منتميًا للأخوان ولست متعاطفا مع الوفد بل إن لدى تحفظات عديدة عليهما ولا يتسع المقام لذكرها الآن …
إذن من سيمثلنى أنا و من لا ينتمى لأكبر قوتين على الساحة حالياً "الوفد" و "الأخوان"؟ من سيعبر عنا ويوصل أصواتنا ؟ والمشكلة هذه المرة أن هذا البرلمان بالإضافة إلى أنه سيشكل الحكومة ويراقبها فإنه أيضاً سيختار لجنة لوضع الدستور .. والدستور يعنى الدولة ونوعها و وتوجهاتها وسياساتها …الدستور هو الذى سيحدد مستقبلنا ومستقبل الأجيال من بعدنا … وفى كل مكان فى العالم يوضع الدستور بمشاركة جميع فئات وأطياف الوطن بلا أغلبية حزبية ولا أفضلية فئوية فلا القوى الكبرى تستأثر بوضعه ولا القوى الصغيرة تهمل فلا يكون لها دور .. بل يجب أن يشارك فيه الليبراليون والإسلاميون والعلمانيون والمسيحيون بل والماركسيون والشيوعيون إن وجدوا .. فطالما هو مصرى إذن فمن حقه الأصيل أن يشارك فى وضع دستور بلاده ولا أحد بإمكانه أن يسلبه هذا الحق الأصيل
وربما تشكيل الكتلة المصرية والذى يضم 14 حزب بعضها قديم والأخر جديد .. ربما يكون قد أعطى فرصة لمن لا ينتمون للأخوان ولا يميلون للوفد ومن هم "بين بين" .. أقول .. أعطاهم الفرصة ليجدوا من يمثلهم في مجلس الشعب .. فتوجهاتهم حرة معتدلة إلى حد كبير !
… لكن يبقى التساؤل .. هل سيأتى البرلمان والدستور بالتبعية معبراً عن إرادة الشعب بكل أطيافه ؟
***
منذ عدة أيام كنت أشاهد نشرة الأخبار على قناة العربية فإذا بإحصائية تم إجراؤها تفيد بأن 2% من الشعب المصرى ينتمى لأحزاب .. أى أن 98% من الشعب غير محزب وليست لديه أى توجهات حزبية وإذا كانت هذه الإحصائية دقيقة فهذه كارثة .. فالمستقلون لن يمثلوا نسبة كبيرة من البرلمان… فعلى أى اساس سيتكون البرلمان القادم؟؟
حسنا أعتقد أن الإجابة تكمن فى شراء الأصوات .. نعم بالضبط على طريقة الحزب الوطنى سابقاً .
اذهب إلى أى قرية أو نجع واخطب فيهم خطبة عصماء ثم قم بتوزيع بعض الطعام والأموال على الناس وعدهم بتوظيف أبنائهم وثق  بأنك ستحصل على مقعد فى البرلمان ولا أقول أن هذا سيحدث بل هذا واقع الآن بدائرتى في "سيدى جابر" …. بل إن هناك طريقة أخرى لشراء الأصوات عن طريق المتاجرة بالدين من قبل أصحابنا المعروفين والحديث بالنيابة عن رب العالمين  كما رأينا فى الاستفتاء الأخير فإن اخترت فلان  فروح وريحان وجنة نعيم وإن اخترت علان فنزل من حميم وتصلية جحيم … وإن عدنا وتفحصنا ماضينا الكئيب لوجدنا أن هذا أمر طبيعي فالثقافة العامة للشعب لم تختبر وتجرب قراءة برنامج انتخابى والمفاضلة بينه وبين آخر هذا فضلاً عن أن المرشحين أصلاً يعرفون أن هذه ليست الطريقة المثلى للحصول على أصوات فلو ذهبت إلى أى مكان حيث ترتفع نسبة البطالة والأمية والفقر ـ أو حتى تنخفض ... مش فارقة ـ و حاولت أن تشرح لهم برنامجك الانتخابى لما استمع إليك أحد إلا إذا أنعمت عليه ببعض المال أو شيء من الطعام .
إذن فنحن أمام شعب ـ معظمه ـ لم يعتد على سماع برامج انتخابية .. وأمام مرشحين ـ معظمهم ـ يعرفون أن المال هو أقرب طريق للسلطة وهم لن يترددوا فى استخدامه .. وهذا هو الإرث الذى تركه لنا مبارك و رجاله فقد تعمد هو والبهوات اللى معاه تحويلنا إلى مواطنين لايملكون قوت يومهم إلا بطلوع الروح ... مواطنين أفقر من الفقر وأغلب من الغلب .. مواطنين أقصى حلمهم كان عدم رفع أجرة المواصلات او عدم رفع سعر رغيف الخبز..وكل ذلك لماذا؟ من أجل أن يتمكنوا من شراء ـ أم أقول سرقة ـ أصواتهم فى هدوء وبدون شوشرة وبعدها يخرجون فى الإعلام ليتحدثوا عن الانتخابات التى يضرب بها المثل فى النزاهة والديمقراطية .. و.. والقذارة السياسية ..
وللأسف الوضع على ماهو عليه وللأسف الانتخابات ستجرى فى وسط هذا الجو المريض الذى يبعد كل البعد عن مفهوم الديمقراطية.
فى النهاية أستطيع أن أخلص إلى أن البرلمان القادم ـ ربما ـ لن يكون معبراً عن الشعب بأكمله بكل أطيافه وفئاته لو تم بهذه الطريقة المباركية القذرة ومن قرائتى للوضع الحالى فأنا أعتقد أن هذا ما سيحدث .. فثقافة الشعب لن تتغير بين يوم وليلة وعلى الرغم من كل هذه المعطيات التشاؤمية إلا أن ثقافة الشعب حاليًا  تشبه إلى حد كبير ثقافة  الشعوب التى شهدت ثورات فلا أعتقد أن الشعب الفرنسى كان فى قمة الوعى والتحضر قبل وأثناء ثورة "الباستيل" ولا أظن أن شعب روسيا كان كما هو الآن قبل الثورة البلشفية فالشعوب تخطىء وتتعلم من أخطائها حتى تعرف أى طريق بالضبط يجب اتخاذه وأى الأفراد والجماعات يمكننا الوثوق بها لذا فإذا أخطأنا الاختيار فى الانتخابات القادمة فعلى الأقل فى المرة التالية سنكون قد تعلمنا من خطأنا و سنكون قد عرفنا من أراد البرلمان من أجل السلطة ومن أراده من أجل مصر وهذه هى أهمية التجربة لذا فأنا أرى وجوب المشاركة فى الانتخابات المقبلة حتى لولم يكن لمعظمنا أى توجه حزبى, فنحن يمكننا المفاضلة بين مرشح وآخر هذه المرة عن طريق المعطيات المتاحة حاليًا فليس المهم من سيفوز بالمقاعد فليهنأوا بها .. لكن المهم أن نستفيد قدر الإمكان من التجربة حتى ندرك من من هؤلاء المرشحين على حق ويستحق ثقتنا ومن منهم على باطل ولا يشغله تحقيق أحلامنا ..... والله المستعان.
"لو أن هناك واحداً على مليون من الأمل فهذا يعنى أنه مازال هناك أمل"