• بقلم حسام صادق
  • بقلم محمود حجازي
  • بقلم أحمد عبود
  • بقلم أحمد نبيل

الأحد، 25 نوفمبر 2012

انتبه لنفسك !!


انتبه لنفسك !!
هل قررت يوماً أن تبيع هاتفك المحمول القديم ؟
تعلم .. تلك اللحظة .. حين تدرك أن هاتفك لم يعد يليق بمكانتك السامية .. وتقرر شراء واحد جديد !!
حينها تدخل أحد محال الهواتف المستعملة .. وتعرض عليه هاتفك .. لينظر البائع إليه باشمئزاز ويتأمل خدوش الشاشة والأزرار الممسوحة والشاسيه كالح اللون .. ويعلن أنه لا يساوي أكثر من 126 جنيهاً !!
تنظر إلى الهاتف بحنين ..
هذا الخدش الطولي في الشاشة .. يذكرك بيوم خناقة الشارع مع سائق التاكسي الذي يصر على الحصول على 10 جنيهات .. وطار الهاتف في اللحظة الأولى للمعركة ليحتك بالأسفلت !!
الأزرار المكسحة تشي بساعات طويلة من لعبة الثعبان يتم اختلاسها بين ساعات المذاكرة المرهقة ..
كل سحجة وكدمة وكسر في الهاتف له ذكرى معينة لا تنمحي من ذهنك ..
لكنك لا تدرك أن بعد حصولك على الـ126 جنيه .. سيأتي زبون عجران ليشتري الهاتف .. وسينظر له بقرف .. ويقضي عدة ساعات في الدعاء على شخصك الكريم .. بسبب إهمالك وبهدلتك للهاتف !
ويقرر خلع كل الإكسسوارات واستبدالها بأخرى صينية غالباً على أمل أن ينصلح حاله !!
هل لاحظت شيئاً ؟ هل فهمت ما أريد أن أقوله ؟
الإنسان منا لا يتكون إلا من بعض الذكريات والطموحات و(شوية حاجات فوق بعض) !!
لكن هل فكرت مرة في قيمة ذكرياتك هذه ؟
بمعنى .. وأنت صغير كنت تحب التبول على رؤوس الناس من فوق السطوح .. وتهوى إشعال الصواريخ تحت المقاعد .. وتهز مؤخرتك على أغنية (مكارينا) .. كل هذا رائع ويثير شجناً وحنيناً خاصاً في أعماقك .. وتلتمع عيناك بفخر وأنت تحكيها .. وتظن أن الجميع ينظر إليك بانبهار كأن جنابك مخترع عصير القصب .. !!
لكن الحقيقة المؤسفة هي أن لا أحد يهتم بذكرياتك هذه .. ولا أحد يريد سماع أمجادك .. لأنها ـ بالنسبة لهم ـ مجرد تفاهات !!
وحين تشرخ ببصرك بعيداً وتبدأ بتذكر إحدى ذكرياتك العزيزة لتحكيها .. ينفخ من حولك بضيق .. ويقولون في داخلهم : "بلاعة الذكريات الحمضانة اتفتحت .. يا رب يجيلك سل في سنانك عشان تخرس !!"
نعم .. أعلم أن هذه صدمة لك .. لكن حاول أن تجرب ..
احك ذكرى ما لا تستغرق أكثر من خمس دقائق .. واحرص على تأمل وجوه من حولك منذ أن بدأت الكلام !!
فالذكريات كأنها الهاتف المحمول الذي ذكرته في بداية المقال .. بضاعة مستعملة .. لا قيمة لها إلا في خزانة صاحبها .. فلا تحاول نقلها لخزانة شخص آخر .. حتى لا يصدمك احتقاره لها !!
فللأسف كل شخص يظن أن عالمه يمثل أهمية عظمى عند الآخرين !!
لا يعلم أن كل شخص له عالم مماثل خاص به .. مليء بالذكريات والأفكار والطموحات .. ولا وقت لديه ولا رغبة للإلمام بعالم شخص آخر !!
وبما أني ذكرت الطموحات .. فلم لا نتكلم عنها قليلاً ؟؟
فكما أن الذكريات تمثل شجن الماضي .. فالطموحات تحمل نسمات أمل باهتة للمستقبل ..
كل شخص له طموحه ..
هناك من يتمنى أن يكون مديراً .. أو رجل أعمال .. أو صاحب استثمارات ثري يأكل الكافيار يومياً !!
لكن هل فكرت بجدوى طموحك هذا ؟
ففي صغرك مثلاً كان طموحك أن تدخل الجامعة .. وكنت تتخيل يومياً حالك في ذلك الحين ..
وتحلم يوماً بيوم بدخول الجامعة !!
وعندما حان الوقت .. كانت سعادتك غامرة في اليوم الأول .. ثم بدأت العوائق والصعوبات تظهر .. لتدرك أن الأمر ليس بهذه السهولة .. وتبدأ سعادتك في الانطفاء رويداً رويداً !!
لو درست شيئاً في علم الاقتصاد ستعرف ما يسمى بالمنفعة الحدية ..
هذه المنفعة الحدية هي مثلاً شعورك بالعطش أثناء الصيام ..
حينها يتحول كوب الماء المثلج المشبر إلى طموح هستيري بالنسبة لك .. وتتخيل أنك ستشرب عشرة أكواب وقت الإفطار !!
لكن ما إن يحين الوقت .. حتى تشرب الكوب الأول .. فتنقص (منفعتك الحدية) إلى النصف .. تشرب الكوب الثاني لتنخفض إلى الربع .. ثم تفاجأ أنك لا تستطيع إكمال الكوب الثالث .. بل يكفي ذكر كلمة (ماء) أمامك لتشعر بالغثيان !!
وهنا تستغرب .. !!
منذ ساعة واحدة كانت أقصى طموحاتك شربة ماء .. !!
وبهذه السرعة وبمجرد أن امتلكت هدفك بين يديك وتذوقت رحيقه حتى اكتفيت منه ولم تعد تطيقه !!
ما هي خلاصة الكلام ؟
الخلاصة أن عليك أن تتعلم درساً من المنفعة الحدية ..
الطموحات تبدو براقة جميلة حين نتأملها من بعيد .. وقد نكافح للوصول إليها ..
لكن ما إن تصل إليها حتى تظهر لك عيوبها ومشاكلها .. وشيئاً فشيئاً تختفي المميزات أو بمعنى أصح تعتاد عليها .. وتبقى السلبيات جاثمة على صدرك كجرم هائل !!
فالاعتياد يقتل اللهفة .. يقتل الحب .. يقتل المتعة !!
فحين تصبح رجل أعمال كبيراً أو مديراً لشركة ضخمة كما كنت تتمنى.. ستصل إلى لحظة إحباط حتمية ..
لحظة لا تشعر فيها بأن الأمر رائع كما كنت تتخيل .. و لا تعرف الخطوة التالية .. !!
فالإنسان بطبعه كائن أناني يستحيل إرضاؤه بشكل كامل .. وكلما وصل إلى مكانة ما .. يكتشف أنه يريد الأعلى والأعلى !!
هل معنى هذا الكلام أن تكون محبطاً بلا طموح ؟
بالعكس !!
يجب أن يكون لك طموح .. لكن عليك أن تراعي وأنت تحدد طموحك .. أن تدرس جيداً الهدف من وجودك على قيد الحياة ..
سر الخلق ليس أن تتخرج ثم تعمل في مجال لا يفيد إلا الطبقات المرفهة ولا يقدم شيئاً للمجتمع مثل افتتاح محل لبيع العطور الباهظة أو الساعات "الماركة" ذات الثمن الذي يتجاوز عدة بواكي !!
ثم تتزوج وتنجب وتموت دون أن يكون لك دور واضح في تقدم البشرية !!
لقد خلقك الله لتعمر في الأرض .. ضع نصب عينيك أن يكون طموحك مفيداً للناس طموحاً إذا تحقق بشكل كامل قد يقضي على الفقر أو الجهل .. وليكن خالصاً لوجه الله وحده .. لا يكون هدفه المال والعيشة الكريمة لنفسك فقط ..
حينها سيلقى الله في قلبك الطمأنينة وراحة البال .. وستسعى للتوسع في طموحك لا بسبب الطمع والرغبة في زيادة الثراء .. بل لزيادة رصيدك عند الله .. ولتضمن أن أشخاصاً ـ غير أبناءك ـ سيدعون لك بالرحمة طيلة الأعوام الخمسين القادمة !!
حينها فقط ستذكر الله بصوت خفيض وأنت تغمض عينيك للمرة الأخيرة .. وتموت وأنت مرتاح البال !!
إذن يمكنك تلخيص المقال في جملتين ..
أولاً : انتبه لنفسك .. عند استرجاع ذكرياتك .. استرجعها وحدك وليس مع الآخرين .. الوحيد الذي سيقدر ذكرياتك حق قدرها هو أنت !
ثانياً : انتبه لنفسك .. عند اختيار طموحك في الحياة .. تذكر لماذا خلقك الله .. أنت إنسان .. لست حيواناً هدفه أن يأكل ويشرب ويتزوج فقط !
وشكراً !!
                                                                                                             حسام صادق

دوس هنا وسيب تعليقك !!