• بقلم حسام صادق
  • بقلم محمود حجازي
  • بقلم أحمد عبود
  • بقلم أحمد نبيل

الخميس، 13 سبتمبر 2012

كيف تكون الإساءة لمصلحتنا ؟؟



كيف تكون الإساءة لمصلحتنا ؟؟

 
جاء موسم الحج فى مكة المكرمة , حيث يأتى العرب من بكل بقاع الأرض لزيارة الكعبة الشريفة , وبدأت دعوة النبى محمد ( صلى الله عليه وسلم ) يشتد عودها أكثر فأكثر , حيث كان يدعو إلى الله سراً أهله وأقرب الأقربين له , حتى أمر الله نبيه بعدها بالجهر بالدعوة , فخشى المشركون أن تصل دعوة النبى إلى العرب وتنتشر بينهم , فخافوا على علوهم فى الأرض بين العرب واستكبروا , فاجتمعوا فيما بينهم على كلمة يقولونها للعرب عن النبى حتى إذا دعاهم إلى دين الله داخل مكة أعرضوا عنه ونفروا منه , تحيروا كثيراً ماذا يقولون وهو كامل الخلق والعقل والفطنة والذكاء والجلد وطهر النسب , فأجمعوا رأيهم بينهم أن يسبوه بما ليس فيه , بأنه يملك بعض السحر الذى يفرق بين المرء وأبيه , وبين المرء وزوجته , وبين المرء وأخيه , فجلسوا على مشارف مكة فلا يدخل إليها أحد إلا حذروه من النبى وذكروا له كذبهم .

فما كان من العرب أن تسمع هذا الكلام إلا وتبحث عن النبى - فالممنوع مرغوب - لتسمع منه هذا العجب الذى يتحدثون عنه , فالدعاية السلبية التى صنعها المشركون ضد النبى كانت بفضل الله تصب فى مصلحة الدعوة بدون أن يدركوا , وكان النبى يخاطبهم بقوة الحجة فلا يصدق العربى من أمامه , ولو كان صادقاً إلا بقوة بيانه للحق , فضرب لهم المثل بالبعث بعد الموت , فقالوا كيف نبعث بعد الموت لنحاسب , ونحن ندفن فى التراب ونصبح تراباً , فقال نبى الله : إن الظالم يموت قبل أن يلقى جزاء ظلمه , والمظلوم يموت قبل أن يأخذ حقه , والصالح يموت قبل أن يجنى جزاء إصلاحه , والفاسد يموت قبل أن يعاقب على سوء عمله , فإن لم يكن هناك بعث ولا جزاء بعد الموت لاستوى الفريقان , وهذا غير معقول إطلاقاً , فكيف يكون الله العدل ويساوى بين الظالم والمظلوم والفاسد والصالح , وأما استبعادهم العقلى لإحياء الله الموتى , فكان الرد القاطع (أأنتم أشد خلقا ام السماء ؟؟) , فلمس العرب فى النبى من الصدق، وعفة اللسان، وسعة الصدر, والعلم والحلم، , فصار سيدنا محمد واسع الذكر بين بلاد العرب كلها , فكلمة الله هى العليا وكلمة المشركين هى السفلى , ولو كره الكافرون .

هكذا كانت دعوة النبى بكل ما فيها من جلد وصبر ومعاناة من أجل أن تصل كلمة الله للناس , يغرى بالمال والزعامة والسيادة ويعرضون عليه من النساء ما شاء , فيكون رده (والله لو وضعتم الشمس فى يمينى , والقمر فى يسارى على أن اترك هذا الأمر - حتى يظهره الله أو أهلك فيه - ما تركته ) , فهم كانوا يخافون منه وهو رجل واحد لأنه يملك الحق الذى يصنع به أمة كاملة , ويعلمون أنهم على الباطل , فبالحق وإرادة الله انتصرت دعوته , فكان من الممكن عندما يهان النبى أن يدعو عليهم ليموتوا جميعاً , ولكن رأفة بهم كان يدعو لهم , ليدخل الإيمان قلوبهم ليموتوا على الإسلام , فهذه هى أخلاق نبينا , إن الدين يحتاج إلى العقل والحكمة ليستوعب حماقة الضال ليرجعه من ضلاله , فليس بالمنع أو بالقوة تحارب الافكار , ولكن تحارب الأفكار بالأفكار , ويحارب الكذب بإظهار الحق , وتحارب الإساءة للرسول بوصف حسن خلقه حيث كان سراجاً منيراً .

إن من صنع الفيلم المسيء للنبى صنع مثلماً صنع كفار قريش , يريد الإساءة للنبى فإذا بالناس يهرولون له للسماع منه , فهل لو وجدوا النبى غير ما هو عليه , من سرعة الغضب وضيق الصدر وعدم الحلم وضرب كل من عارضه , هل كانوا صدقوا دعوته إلى الله ؟؟ , بل كان سيدنا محمد يمتص غضبه – من تكذيبه - ليكسب أرضاً جديدة ويقذف الباطل بالحق , إن الفيلم المسيء لم يسمع به أحد حتى في بلاد من صنعوه , إلا عندما جعلنا له قيمة بثورتنا ضده , وسيبحث الناس عن هذا النبى ليعرفوا عنه أكثر , فمهمتنا أن نبرز صفات النبى وأخلاقه كما يستحق منا بتوفير المعلومات الصحيحة والرد على التساؤلات المشروعة, ولا نسيء له بسرعة الغضب أو عدم الحلم , ونحارب الفكر بالفكر والكذب بالحقيقة , فالإيمان ينبع من المعرفة والتأمل , والكفر يصدر من قلة الفكر .


أحمد عبود