• بقلم حسام صادق
  • بقلم محمود حجازي
  • بقلم أحمد عبود
  • بقلم أحمد نبيل

الخميس، 8 سبتمبر 2011

متشابهون .. أكثر مما نتصور !!(الجزء الثاني)



  •                       متشابهون .. أكثر مما نتصور !!
                               (الجزء الثاني)
    في البداية ظننا أنهم يمزحون ـ رغم أن هذا ليس وقتًا مناسبًا للمزاح ـ فسألتهم
    ـ ماذا تفعلون ؟ ما الأمر؟!
    إلا أن قائدهم صرخ في وجهي .. وأمرنا بالبقاء في الزنزانة حتى يعودوا إلينا وإلا أطلقوا علينا الرصاص .. لم أكن مصدقاً لما يحدث , خلايا عقلي أبت أن تستوعب  ما يجرى , فهممت أن أعترض إلا أنه عالجني بضربة بفوهة المسدس على أم رأسى ,أمرونا بالصمت وأبقونا بالزنزانه ثم تركونا وانصرفوا , شعرت بالسائل الدافئ اللزج يسيل على جبهتى … كانت الدهشة هي شعورنا المشترك .. نعم الدهشة وليس الغضب … حسن ..  كانت هذه أكبر حركة نذالة تعرضت لها في حياتي .. هنا  لم تعد أعصابى تحتمل وأغشي علي من فرط الدهشة والألم والتعاسة ..لا أعرف بالضبط كم مضى من الوقت وأنا مغشي علي لكني استيقظت على أصوات زملائي يحاولون إفاقتي .. نظرت حولى وفشلت في التعرف على هذا المكان استرجعت بسرعة الأحداث الأخيرة .. نظرت حولي من جديد فإذا نحن في حجرة ضيقة ـ أضيق من سابقتها ـ متسخة الجدران , قذرة الأرضية , خاوية على عروشها .. بحثت عن فرش , مقاعد , طعام ..أى شيء ..لكن لا شيء .. لاشيء على الإطلاق فقط نحن والصمت صاحبنا .. طلبت منهم أن يقصوا علي ما حدث وكان باختصار هو أنهم ـ أي الجماعه ـ عادوا بعد فترة للزنزانة التى كنا فيها واصطحبونا لهذه الغرفة الحقيرة .. حاول زملائى أن يفهموا منهم ماذا يريدون وما الذى ينتوون . إلا أنهم أرغوا وأزبدوا وهاجوا وماجوا وسبوا ولعنوا , وصرخوا فيهم بكلام  كثير عن الكفر  والإلحاد والزندقة وفي النهاية نعتوهم بأبشع الألفاظ وألقوهم كجرذان في هذه الحجرة الحقيرة معلنين بذلك رفض التفاوض وقاطعين أي سبيل للحوار ..وقال زميلى معلناً نهاية القصة:-  حتى قيثارة زميلنا أحرقوها أمام عينيه ..!طلبت منهم أن يتركوني وحدي بعض الوقت فأعصابي كانت على وشك الانهيار …لكن هيهات أن تستريح أعصابي فعقلي كان مزدحماً  ـ كأتوبيس نقل عام ـ بعلامات استفهام متبوعة بعدد لا بأس به من علامات التعجب ..فما بال هؤلاء القوم ؟!! ماذا يريدون منا ؟!!ولماذا فعلوا هذا الذي فعلوه؟!! فنحن لم نؤذهم فى شيء !!ما سر هذا الاحتقار والازدراء الكامن لديهم تجاهنا ؟!!والأهم من كل هذا .. ما الذى ينتوون فعله بنا ؟قالوا إنهم راضون بقدرهم وأن في الهروب هم زاهدون ورفضوا أن يمدوا لنا يد المساعدة في البداية .. وعندما ثرنا وقررنا استعادة كرامتنا وحريتنا فإذا بهم ينقلبون علينا ويأسروننا في زنزانة هي أشد بؤساً و أكثر حقارة من سابقتها… زنزانة تعرت من كل شيء .. إلا أن جدرانها القذرة مازالت تشهد وتحكي وتكاد تنطق  بتعصبهم الأعمى و قبليتهم المتحزبة ورفضهم للآخر وبدائية تفكيرهم وضيق أفقهم .. زنزانة .. مظلمة كعقولهم .. خاوية كأمخاخهم .. قاسية كقلوبهم… زنزانة ... هي زنزانتهم وسجنهم الأزلي  ونحن فيه .. لازلنا محبوسين ..وفجأة ودون سابق إنذار تذكرت شيئا ..عزيزًا علي ..غالياً عندي ..كتبي ..كتبي التي كانت خير معين لي على قضاء أيامى فى تلك الزنزانة … التى لولاها لما ظللت حياً في ذلك السجن لأكثر من أسبوعين … كتبي التي كانت لأبي من قبلي ! هرعت لصديقى ونظرت له نظرة تساؤل وأمل ممزوج بالخوف … إلا أنه نكس بصره للأرض فى استكانة وقد فهم من نظرتي ما جئت أتسائل عنه .. وأخبرني في أسف أنهم أحرقوها مع قيثارة زميلنا .. !!هنا .. وهنا فقط تأكدت أننا لن نبقى في هذه الزنزانة لأكثر من يومين .. يومان فقط لا أكثر ولا أقل .. لأنى سأنتقم حتمًا!! سأنتقم .. وانتقامي لن يكون هينًا ..                                                                 ***
    في المساء وعلى أرضية الزنزانة اجتمعنا نبحث خطة للهروب مجدداً .. وبعد عدة ساعات ومناقشات واقتراحات توصلنا للخطة الاتية:
    سيخلع كل منا الملابس التى لا يحتاج إليها وسيحتفظ بأقل قدر من الملابس عليه .. وبعدها نجمع  هذه الملابس أمام باب الزنزانة ونشعل فيها النيران ونصرخ  لإحداث شيء من الفوضى مدعين أن حريقاً ما شب في الزنزانة ومن حسن حظنا أنهم تركوا لنا السجائر وأعواد الثقاب وسنقوم بتجهيز كرات من النار عن طريق اقتطاع أجزاء صغيرة من الملابس وإعدادها  بأشكال كروية و نشعل فيها النار فإذا اقتحم أحدهم الزنزانة ألقيناها فى وجهه وحصلنا على سلاحه وهكذا حتى نتمكن منهم أجمعين , واتفقنا على إعداد كل شيئ الليلة على أن ننفذ الخطة غدًا ..قضينا معظم الليل فى جمع الملابس وإعداد كرات النار .. لم يعد هناك سوى بضع ساعات حتى تشرق الشمس .. ولما انتهينا قررنا أخذ قسط من الراحة قبل البدء فى تنفيذ  الخطة .. استسلمنا للنوم .. واستيقظنا وقد انتصف النهار لم يكن هناك افطار رغم أننا كنا نتضور جوعا .. قمنا بمراجعة الخطة مراراً وعقدنا العزم على البدء فى تنفيذ الخطة .. وبدأنا..!!جمعنا الملابس عند الباب ..أحدنا أشعل النيران .. الملابس تحترق .. الدخان الأسود يتصاعد .. نصرخ أن هناك حريق .. نستغيث طالبين العون .. أحدهم يقتحم الزنزانة .. الدخان الكثيف يحجب عنه الرؤية .. أحدنا يلقى إحدى كرات النار .. إصابة مباشرة فى وجهه .. يسقط أرضًا .. ننزع سلاحه .. مزيد من أفراد الجماعة يقتحمون الزنزانة .. مزيد من كرات النار .. بدأ تبادل لإطلاق النار .. أسقطنا ثلاثة وبقي مثلهم .. الفوضى تزداد والدخان يشتد .. فجأة اقتحم اثنان آخران منهم الزنزانة ..أطلقوا النار .. أسمع أحد زملائنا يصرخ ألما .. لقد أصيب أحدنا !! ..انقضضت على أحد الذين اقتحما الزنزانة .. أطلقت النار على صدره .. الآخر حاول الفرار فعالجناه بضربة على مؤخرة رأسه فسقط مغشيًا عليه ..أطفأنا النيران .. والتقطنا أنفاسنا أخيراً وأخذت أعد الجثث الملقاة على الأرض واحد .. اثنان .. ثلاث .. أربع .. خمسحسن .. بقي واحد .. أخذت أتفحص وجوههم باحثاً عن زعيمهم إلا أنه لم يكن منهم .. كان هو المتبقى !! ..أسرعنا نبحث عنه في أرجاء السجن وعثرنا عليه فى طريقه للخروج من بوابة السجن الرئيسية .. رفعت سلاحي وأطلقت النار فى الهواء مرتين .. وأمرته بالتوقف .. فتوقف .. خطوت ناحيته حتى أصبحت أمامه مباشرة ..أمسكت بتلابيبه ونظرت مباشرة لعينيه :
    - لماذا؟ ما الذى فعلناه لكم؟

    - .......... (لا رد )

    - انطق .. لماذا انقلبتم علينا وسلبتم حريتنا من جديد ؟

    - ......... (لا رد)

    - هل آذيناكم؟هل جرنا على حقوقكم؟

    - لا لم تفعلوا ..

    - إذن لماذا فعلتم ما فعلتموه ؟

    -  كنا فقط ننفذ الأمر ..

    - ومن أمركم بهذا ؟

    - الله أمرنا .

    - الله ؟!! ..الله أمركم بالخيانة ؟!!

    - ليست خيانة .. هو جهاد ..

    - جهاد؟! ..ما هذا التخريف؟ .. جهاد ضد من؟ ومن أجل ماذا؟

    - ضد أعداء الله ... ومن أجل إحقاق الحق ..

    -أعداء الله؟!! .. نحن أعداء الله ؟!! .... لماذا رأيتمونا بهذا الشكل و رميتمونا بهذا الوصف ... فأنتم لم تتعاملوا معنا ولم تخبروا نهجنا .. فكيف حكمتم علينا ؟ ومن عينكم علينا حكماً أصلاً ؟!

    - كيف حكمنا عليكم ؟ ...انظروا إلى أنفسكم وما أنتم فيه من ضياع و فسق . ثم ما أنتم؟ .. ممثل و شاعر و مدرس وعازف وكاتب .. ليس فيكم رجل تقي ولا حتى رجل رشيد ... فالله لا يشغل بالكم والآخرة ليست ضمن همومكم .. حياتكم لعب و لهو وعبث.....بل إني لتأخذنى الجرأة وأصفكم بأعداء الله ... ألا فانظروا لأنفسكم ألا أن سيم الكفر والإلحاد على وجوهكم و في ظلمات قلوبكم ... وتسألنى كيف حكمنا عليكم ؟

    - أي هراء هذا الذى تنطق به و أي عبث هذا الذى تقول ؟ .. كوني شاعراً أو عازفاً أو ممثلاً لا يعنى شيئاً ولا يمثل شيئاً مما تقول ... ما علاقة عزفي و شعري و كتاباتى بإيماني وبما في صدري ... بالله عليك أخبرنى ... كيف حكمتم علينا .. ما مقياسكم و ما مرجعكم ... كيف جزمتم أن الله لا يشغل بالنا وأن الآخرة ليست من همومنا ؟ .. هل اتطلعتم على قلوبنا .. أم كشفتم ما فى صدورنا ... أنتم بشر ونحن بشر .. أنتم تخطئون وتصيبون ونحن نخطئ ونصيب .. و في النهاية الله يحكم بما لنا وما علينا فهو الحكم وما من حكم غيره ... فبأي حق عينتم أنفسكم حكاماً .. وبأي منطق وضعتم أنفسكم في مصاف الآلهة .. وبأي سلطة قلتم أنكم أولياء الله في الأرض و يده ؟
    ثم إنك تقول إحقاقاً للحق ... أي حق هذا الذى يجعلكم تنقلبون علينا وتسلبون حريتنا ... ألم نطلب عونكم ورفضتم بل إنكم سببتونا واتهمتونا بالكفر ... وبعد أن نلتم حريتكم ـ بسببنا ـ وأكررها بسببنا فإذا بكم تحبسونا فى زنزانتكم القذرة !!
    - ....... (لا رد)

    - وليتكم انتبهتم إلى ما يجمعنا ونبذتم ما يفرقنا ... فكلنا أراد الحرية منذ كنا في الزنزانة الأولى ... و لقد طلبنا عونكم  و أصررتم على الفرقة وهانحن ذا قد حصلنا على الحرية .. لكن بعد ماذا؟ بعد أن مات من مات و سقط من سقط  .. ماذا استفدتم وما الذى نلتموه ؟؟
    - بالله عليكم انظروا لنا نظرة اخرى .. نحن لسنا سيئين كما تظنون ..... و لسنا أعداء الله كما تقولون ... وإن كان هناك بيننا اختلاف فهو اختلاف على شعارات و رايات ... ليس اختلافاً في الجوهر أو في الصميم فنحن نؤمن بالله كما تؤمنون .. ونحب الخير كما تحبون .. ونكره الكفر والفسق كما تكرهون .. و إن بقي بيننا اختلاف في الآراء والاتجاهات فهو اختلاف وليس خلاف ... فلا داعي للسباب ونبرة التكفير وصيحة الاستعلاء .. والله إذا نظرتم لنا نظرة أخرى لوجدتم أننا ـ حتى لو لم نكن على نفس العقيدة ـ متشابهون .... متشابهون ... أكثر مما نتصور .. والله إن العبرة ـ كل العبرة ـ هي بحسن الخلق هى المرجع والمقياس ولربما الحكم !!صمت قليلاً .. فإذا به يرفع رأسه وينظر لي في لين وقال:
    - أرجو أن تعفو عما حدث ..
    وابتسم لى نصف ابتسامة ثم ابتعد عنى حتى اختفى ..خرجت مع زملائى  وعبرنا بوابة السجن ... وتنسمنا نسيم الحرية ... ولدهشتنا كان الضباب قد انقشع وتبددت الغيوم فى السماء وأشرقت علينا الشمس لأول مرة حلوة دافئة بعد شتاء دام أكثر من ثلاثين عاما .. !!
                                                                ***
  •  بسم الله الرحمن الرحيم" ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم و اصبروا ان الله مع الصابرين"
    صدق الله العظيم
                                                                                                           
  • مقال لتقريب وجهات النظر بقلم ناجح  إبراهيم القيادي بالجماعة الإسلامية :    http://www.almasryalyoum.com/node/483354
                                                                    أحمد نبيل
  • دوس هنا وسيب تعليقك !!
  •