• بقلم حسام صادق
  • بقلم محمود حجازي
  • بقلم أحمد عبود
  • بقلم أحمد نبيل

السبت، 3 سبتمبر 2011

متشابهون ... أكثر مما نتصور !!


متشابهون ... أكثر مما نتصور !!
 
ما زالت العاصفة مستمرة الأمطار لم تتوقف منذ البارحة ... ألسنة البرق تشق السماء من حين لآخر وهزيم الرعد يتعالى ..
وعلى المنضدة الوحيدة الموجودة في الزنزانة اجتمعت مع زملائى لنناقش خطة الهرب من هذا السجن ... كنا خمسة .. أحدنا ممثل مسرحي والآخر مدرس رياضيات , الثالث شاعر , الرابع عازف على القيثارة وأخيراً العبد لله كاتب و صحفى ... ما الذى جمعنا هنا؟ حسن .... السياسة ـ لعنة اللة عليها ـ هى التى جمعتنا .... لكننا لم نكن وحدنا فى هذه الزنزانة كان معنا ستة أفراد على حسب ظنى كانوا ينتمون لتنظيم ما ... لا نعرفه بالضبط .. فهم قليلوا ـ إن لم يكونوا معدوموا ـ الكلام معنا فهم يرفضون التواصل معنا ويقطعون السبيل أمام أى محاولة منا لتجاذب أطراف الحديث ...
ذات ليلة اجتمعت أنا وزملائى فى جلسة سمر وأخذ زميلى يعزف على قيثارتة ونحن نردد بعض الأغانى القديمة على أنغامه العذبة فى محاولة منا لكسر الملل اليومى ... فإذا بأحد أفراد الجماعة الأخرى ـ وهو رئيسهم فيما اظن ـ يخطو نحونا ويطالبنا بالتوقف عن هذا (الهلس) ولما رفضنا نظر لنا باشمئزاز وقال فى ازدراء واضح" أنتم....أنتم مقززون !" وتركنا لدهشتنا وانصرف ومنذ ذلك اليوم لم يعد بيننا سلام ولا كلام فعزلوا أنفسهم عنا شيئًا فشيئًا وانزووا فى أحد أركان الزنزانة واعتزلونا تماما ... ورغم تعجبنا من موقفهم إلا أننا آثرنا أن نتركهم وشأنهم .. فلا يصح أن نفرض أنفسنا عليهم ...
ومرت الأيام بطيئة مملة إلى أن جاءت هذه الليلة التى قررنا أن نبحث فيها عن وسيلة للهروب وبعد عدة ساعات مليئة بأعقاب السجائر والمناقشات الحامية توصلنا لخطة هى ـ للأسف الشديد ـ بدائية جداً وكانت كالتالى :سوف يتظاهر أحدنا بالمرض ويصرخ من شده الألم وأنا سأطرق بقوة على باب الزنزانة طالبًا الطبيب فيدخل علينا ومعه اثنان من الحرس فينقض عليهم الثلاثة الباقون منا والخامس ينتزع السلاح من أحدهم ويتأكد من عدم دخول مزيد من الحراس حتى نحكم سيطرتنا على الزنزانة من الداخل بعدها سيكون هناك تبادل لإطلاق النار بيننا وبين الحراس بالخارج وبعدها ... وبعدها سنحاول الهرب بأقل الخسائر .. خطة سيئة ؟ .. أعلم هذا لكننا لا نملك غيرها .. فلو متنا لكان خيرًا لنا من البقاء فى هذا السجن مدى الحياة !! بمعنى آخر لم يعد لدينا شيء لنخسره ..
لكن بعد أن أنهينا وضع الخطة فطنا إلى شيء في غاية الأهمية .. !عندما يدعي زميلنا المرض ويأتى الطبيب ماذا لو جاء معه خمس أو ستة من أفراد الحرس؟ كيف سنتعامل معهم ؟ لن نستطيع حينها السيطرة عليهم وستكون مخاطرة حمقاء .. !!
لذا وجدنا أننا في حاجة إلى عدد اكبر من الرجال .. واضطررنا للتوجه للجماعة ـ على مضض ـ لكن ما باليد حيلة .. وبما أنى كنت صاحب فكرة الهروب وأنا من اقترحت الخطة كنت من اتفقوا على اختياره لهذه المهمة الصعبة .. فذهبت إلى قائدهم وهو شخص ضخم الجثة مكفهر الوجة ... حييته بإشارة من يدى ولدهشتى قال لى : "تفضل" فاستبشرت خيراً وازدادت جرأتى وعرضت عليه الخطة كاملة وشرحت له مخاوفنا وحاجتنا لعدد أكبر من الرجال ... صمت قليلاً ثم نظر لى فى هدوء وقال :
- ومن قال لك أننا نريد الهروب ؟

- ماذا تعنى؟!! ... لا اعتقد أنكم مستمتعون بهذا السجن ولا أظن أن حريتكم لا تعني لكم شيئا !!

- لسنا مستمتعين لكن إذا كان هذا قدرنا فليس من حقنا أن نعترض عليه ..

- قدركم ؟! هل دخلتم هنا ظلماً أم أنكم ارتكبتم جرمًا ما؟

- مظلومون ويعلم الله !

- إذن لما لا تساندوننا غداً ونحاول الهرب من هذا السجن معاً ؟!!

- سببان أولهما أخبرتك به .

- وثانيهما ؟

- ثانيهما أننا لن نقبل أن نضع أيدينا فى أيدي أناس نجسين مثلكم !

- .............. !!
ابتلعت الإهانة وآثرت الصمت وتركته عائداً لزملائى وقصصت عليهم ما حدث فما كان منهم إلا أن أخذوا يضربون كفًا بكف تعجباً .. !!راجعنا الخطة للمرة الخمسين .. وذهبنا للنوم لكنى فى الحقيقة لم أذق له طعماً .. فأخذت أرسم سيناريوهات لما سيحدث غدًا ... سيناريوهات بعضها متشائم وأغلبها متفائل حتى غلبنى النعاس ..جاء الصباح و رغم أن السماء كانت مازالت ملبدة بالغيوم و الأمطار لم تتوقف حتى الآن إلا أنى كنت متفائلا .. ربما أكثر مما ينبغى .. تناولنا الإفطار .. وعقدنا العزم على بدء الخطة  ..
أشرت لزميلى الممثل فإذا به يمسك بمعدته ويصرخ متألمًا وأخذت أنا و المدرس نطرق بشدة على باب الزنزانة نطلب المساعدة .. وازدادت حدة الضجيج فى الزنزانة فإذا بعدد كبير من الحراس ـ حوالى ستة ـ يقتحمون الزنزانة اقتحاماً !! .. حسنًا ... تحققت أسوأ سيناريوهاتى على الإطلاق .. فشلت الخطة والليلة سنقضيها كسابقاتها فى الزنزانة .. هممت بالإشارة لزملائى بإلغاء الخطة فإذا بزميلى المدرس يحطم أحد أطباق الطعام على رأس أحد الحراس وبسرعة انقض بقيتنا على بقيتهم فلم يعد أمامنا فرصة للتراجع لكننا كدنا نفقد السيطرة عليهم فقد كانوا أكثر منا قوة وعدداً وعتاداً ولدهشتنا فوجئنا بأفراد الجماعة ينقضون معنا على الحراس ويشلون حركتهم في مهارة وسرعة وتمكنا معًا من السيطرة على الجميع بالداخل ... وانتزعنا منهم الأسلحة وتبادلنا إطلاق النار مع الحراس بالخارج وبالفعل أسقطنا عدداً لا بأس به منهم  وسيطرنا على السجن بأكملة تقريباً ...كنت أنا وزملائى فى غاية السعادة ولم نستوعب ما حدث بعد وتوجهنا لأفراد الجماعة الأخرى لنشكرهم ... فإذا بهم يرفعون الأسلحة فى وجوهنا .. !!                                                                 
  نهاية الجزء الأول !