• بقلم حسام صادق
  • بقلم محمود حجازي
  • بقلم أحمد عبود
  • بقلم أحمد نبيل

الجمعة، 13 مايو 2011

متلازمة أيمن سعيد


متلازمة أيمن سعيد ..
لا .. ليس شقيق (خالد سعيد) .. وقطعاً ليس ابن عمه ..
(أيمن سعيد) لاعب كرة قدم في نادي اتحاد الشرطة .. وكان يلعب في (إنبي) سابقاً ..
(أيمن سعيد) لم ينضم من قبل للمنتخب .. وليس لاعباً هدافاً في فريقه ..
لكن (أيمن سعيد) لديه مشكلة تتعلق باللون الأحمر ..
لا .. لم يتلق عرضاً من الأهلي . وعلى قدر علمي ليس شيوعياً .. ولا يحمل الجنسية الصينية..
مشكلة (أيمن سعيد) هي حصوله على بطاقة حمراء في كل مباراة يلعبها تقريباً .. وبإفراط غريب أصبح مادة للتندر والدهشة في الأوساط الكروية المصرية .. !!
وباعتباري متابعاً نهماً للدوري المصري .. كان طبيعياً أن أتابعه بمزيد من الاهتمام .. وأنا أفكر في معضلة البيضة ولا الفرخة الشهيرة  .. تسأل لماذا ؟؟ 
إذن يجب أن تنتبه لما انتبهت أنا إليه .. 
ببساطة .. حوالي 70% من الكروت التي يحصل عليها غير منطقية !!
لن أفتي في التحكيم وأقول أنها خاطئة .. لكن بمقارنة أسلوب (أيمن) في اللعب مع عدد من اللاعبين الآخرين وتحت إدارة نفس الحكام .. ستجد أن هناك من يرتكب أخطاء أفدح وأقوى .. ولا يحصلون حتى على بطاقة (تركواز) !!
إذن فالحكم قبل أن تبدأ المباراة يجهز تلقائياً البطاقة الحمراء لـ(أيمن) حتى لو كان خارج قائمة فريقه أساساً !!
تخيل شكل الحكم .. ينزل إلى أرضية الملعب ... يده متيبسة على جيب قميصه الذي يحوي كروته الملونة .. 
ينظر إلى (أيمن سعيد) بصرامة وترقب ... كلما اقترب من الكرة .. كلما التحم مع لاعب .. كلما ظهر أمامه !!
خواطر متلاطمة .. سيفعلها الآن .. سيرتكب المخالفة .. سأطرده على الفور !!
جميع الحكام طردوه قبلي .. بالتأكيد كلهم على حق .. قطعاً كلهم على حق !!
وينتهي الأمر ببطاقة دموية جديدة تضاف إلى سجل (أيمن) !!
وهكذا أصبح مقرراً في كل مباراة .. أن يكون كل فريق من أحد عشر لاعباً .. و زمن المباراة تسعون دقيقة .. وأن يحصل (أيمن سعيد) على بطاقة حمراء !!
***
خلاصة الكلام .. ما سر هذه المقدمة الكروية المتحذلقة ؟؟
حتماً ليس الهدف هو النقد الرياضي .. فهذه وظيفة (معتز) .. ولن يكون سعيداً حتماً إذا استوليت على وظيفته .. !!
السر في الواقع هو اكتشافي أن متلازمة (أيمن سعيد) لا تحدث في ملاعب الكرة فحسب ..
بل إنها تتحقق بشكل أوقع وأقسى في الواقع البعيد عن الكرة ..
وأصل الحكاية أني منذ فترة دخلت على جلسة النميمة الإليكترونية  المسماة على سبيل التهذيب جروب دفعتنا على الفيسبوك ودار نقاش ساخن يرتقي إلى حد الشجار بيني وبين أحد أعضاءه .
قد يبدو الأمر تقليدياً لولا حدوث أمر غريب ..
فأحد أصدقائي تدخل فجأة .. وقال عني جملة واحدة :(الواد ده عامل مشاكل في كل حتة ) .. ! 
وعينك ما تشوف إلا النور !!
أصبح الهجوم على شخصي المتواضع غاية عظمى لكل أعضاء الجروب رغم أنهم كانوا صامتين طيلة الحوار !!
كلهم .. شباب وبنات .. بنات ؟؟
معك حق في دهشتك .. فعلاقتي مع الجنس اللطيف في دفعتي مقطوعة تماماً تماماً .. لكن يبدو أن الزميلات قررن كسر القاعدة على سبيل التبسط ورفع الكلفة .. وانهلن على رأسي المسكين بالهجوم العنيف !
لم أهتم بكلامهم في الواقع .. فكما تعلمون يصعب على المرء أن يحترم كلام شخص يناديه أصدقاؤه (سوسو) .. أو أن يتأثر برأي فتاة تسمي نفسها (رونا) أو (رانوش) أو (خوخة) !!
فأنت مثلاً لم تكن لتقرأ هذا المقال لو أني أسمي نفسي (حسحوس) أو (سحاسيحو) أو حتى (أبو الحساحس) !!
***
كان هذا أول درس لي عن متلازمة (أيمن سعيد) ..
فطالما أنت اشتهرت بعادة ما (دائماً تكون عادة سيئة .. لأن لا أحد يتذكر محاسنك أبداً) .. اعلم أنها ستلتصق بك طيلة عمرك .. وسيحاسبك الكل على أساسها .. حتى لو توقفت عنها منذ عام 1932  !!
وستجد الجميع ما إن يعرفوا تاريخك الآثم حتى يرسموا هالات القديسين الدائرية على رؤوسهم .. ويرتدون ثوب الفضيلة الأبيض (الواسع عليهم جداً) .. ويهاجموك بضراوة حتى تكرههم .. وتكره نفسك .. وتكره عيشتك بأكملها !! 
وقد يكون من يهاجمك يمارس ما هو ألعن مما تفعله .. قد يكون تاجر مخدرات أو قاتلاً محترفاً أو يعمل كراقصة في شارع الهرم ... وقد يكون عبيطاً أو أهبلاً أو له ذيل يتدلى من مؤخرته .. لكنه يتناسى كل هذا في سبيل الهدف النبيل المطلوب .. وهو تطهير العالم من أمثالك !!
ثم ينامون ليلاً بعد المعركة  شاعرين كم هم رائعون طاهرون طيبون وجدعان وحلوين وأمامير وبضفاير .. وليسوا خنازير أوغاد يستحقون الحرق  مثلك .. !!
***
تذكر طبعاً قصة الفتى والذئب ..
ذاك الفتى الذي يعمل راعياً للأغنام في قريته .. وصرخ ذات يوم " ذئب !! ... ذئب !!" .. وهرع إليه جميع السكان .. فقط ليكتشفوا أنه يمزح معهم !! 
و يتكرر الموقف .. وكل مرة يثير الفتى ذعر الجميع بمزاحه الثقيل .. حتى هاجمه ذئب حقيقي ذات يوم !! 
ملأ الدنيا صراخاً وعويلاً .. ولا حياة لمن تنادي !!
طارده الذئب في شوارع القرية الخالية لساعات .. ليتعلم الفتى الدرس القاسي .. وربما الأخير أيضاً !!
ما علينا .. يبدو أن غريزة الحذلقة تسيطر علي في هذا المقال ... لا أدري ما السبب في الواقع !!
لكن الحقيقة أن هذه القصة ـ مع بعض التعديل ـ  تبدو معبرة للغاية عن متلازمة أيمن سعيد ..
فأهل القرية حكموا مسبقاً على الفتى بأنه كاذب .. وأشهروا في وجهه الكارت الأحمر .. دون أن يضعوا في اعتبارهم احتمالية أن يكون قد رأى بالفعل ذئباً في المرات السابقة .. لكنه في مرة هرب قبل أن يصلوا .. وفي مرة أخرى كان مصاباً بالجرب فذهب مسرعاً يبحث عن عصا يهرش بها ... أو حتى كان ذئباً مصاباً بالإسهال .. ورحل بسرعة بحثاً عن كابـ... آآه .. أقصد "تواليت" ليصرف أموره العالقة .. ويدرس انسياب الموائع !!
يا أخي افترض أي شيء .. والتمس العذر لأخيك قبل أن تطبق عليه متلازمة أيمن سعيد الظالمة ..
لا تقنع نفسك أبداً أنه شيطان .. وأنت الملاك المنزل من السماء للقضاء عليه ..
أنت لست أفضل منه .. واعلم أن الله يمهل ولا يهمل .. وسيضعك في نفس الموقف يوماً ..
ابحث عن (أيمن سعيد) من حولك .. ستجد واحداً في دفعتك .. في مدرستك .. في شارعك .. في عمارتك ..
قد تجده في داخلك أو تحت جلدك دون أن تشعر !!
لا تستمع لرأي أحدهم في شخص ما وتتعامل معه على أساس ما سمعت ...
كون أنت رأيك فيه بناء على تجربتك معه ..
ليكن انطوائياً .. أو زهرة حائط .. أو غريب الأطوار .. أو حتى بتاع مشاكل !!
لا أحد يدري ما الظروف التي واجهها و تسببت في رأي الناس السلبي فيه .. !
لا تنسق وراء كلام الغوغاء .. ولا تسر مع القطيع لمجرد أن عددهم أكبر .. وتنسى أنهم  مجرد خراف ! 
وأن الأسد هو الملك .. رغم أنه بلا قطيع يمشي من حوله ويملأ الدنيا صخباً ومأمأة .. !!
(السطران السابقان إهداء إلى (رونا) و(رانوشا) و(سوسو) .. وأمثالهم!)
ارحموا (أيمن سعيد) من سهامكم النارية .. وأعطوا الكروت الحمراء لمن يستحقها !!