لقد أخبرتك .. عن هؤلاء البشر !!
على طاولة كبيرة
اجتمع القادة العسكريون برئاسة رئيس الكوكب فى اجتماع مغلق..كان الجو مشحوناً
متوتراً ومن الواضح أن هناك أمراً ما اختلفوا عليه وكان مما يبدو على وجوههم من
التجهم والعصبية أن هذا الأمر جد خطير وجد مهم.
قائد الجيوش: سيدى الرئيس عليك أن تتخذ قرارك بسرعة إننا نقترب منهم
الرئيس: القرار ليس بالسهولة التى تتخيلها يا (سورتو)
قائد الجيوش:لقد راجعنا الخطة أكثر من مرة يا سيدى...لا أفهم ما المشكلة؟
الرئيس: المشكلة هى أننا سنتخلص مما يقرب من ربع مليون شخص من أجل سلامنا الشخصى
قائد الجيوش: لا ياسيدى لا..أنت تعلم أننا اقترحنا الخطة أساساً من أجل سلامة أهل الأرض أولاُ وسلامتنا ثانياً ثم إننا قد أخبرناك أننا لن نقتلهم بل سنجعلهم يتلاشون وحسب !!
الرئيس:يتلاشون؟!!...بالنسبة لأهل الأرض سيكونون أمواتاً ..
قائد الجيوش:هذا سيكون أفضل بالنسبة لهم..أنت تعلم هذا جيدًا يا سيدى
الرئيس:كم بقى من الوقت حتى نصل؟
قائد الجيوش:بقى أقل من وحدة زمنية واحدة
الرئيس:كم من الوقت ستستغرق هذه العملية؟
قائد الجيوش:عملية التلاشى لن تستغرق وقتاً لكن يلزمنا بعض الوقت لنعرف بالضبط من تورطوا فى إشعال فتيل الحروب
الرئيس: وكيف ستعثرون عليهم؟
قائد الجيوش: لقد توصلنا إلى تقنية سوف تمكننا من الاطلاع على ماضى كل مواطن..نعم سيتجسد لنا تاريخ كل فرد على سطح الأرض..سنرى قراراته وأفعاله... أوامره ونواهيه...سنرى إن كان مسئولاً حقاً أم مجرد ترس فى آله دمار ضخمة...سنعرف إن كان متعطشاً للدماء حقاً أم هو ممن يراق دمه بدون ذنب...سنعرف يا سيدى...سنعرف كل شيء... سنعرف من كان جانياً ومن كان الضحية وما أقل الجناة و ما أكثر الضحايا على سطح هذه البائسة !!
بدا على وجه الرئيس الاهتمام بما قال القائد لكنه لم يجب بشىء...فقط أطلق بصره فى أحد جدران الغرفة سارحاً فى اللامكان...سارحاً ببصره وربما بفكره أيضاً
فى هذه اللحظة دخل الحجرة بعد طرقتين على الباب أحد مساعدى قائد الجيوش ..
المساعد: عذراً على المقاطعة…..لقد وصلنا ..
ببطء اقترب قائد الجيوش من الرئيس وهمس بصوت خفيض..سيدى عليك أن تقرر..هل نبدأ العملية؟
أسند الرئيس رأسه على ساعديه وأطلق زفرة تشى بضيق و غم .. وبصوت لم يسمعه سوى قائد الجيوش أعطى الرئيس أوامره ببدء المرحلة الأولى من العملية ..
الرئيس: القرار ليس بالسهولة التى تتخيلها يا (سورتو)
قائد الجيوش:لقد راجعنا الخطة أكثر من مرة يا سيدى...لا أفهم ما المشكلة؟
الرئيس: المشكلة هى أننا سنتخلص مما يقرب من ربع مليون شخص من أجل سلامنا الشخصى
قائد الجيوش: لا ياسيدى لا..أنت تعلم أننا اقترحنا الخطة أساساً من أجل سلامة أهل الأرض أولاُ وسلامتنا ثانياً ثم إننا قد أخبرناك أننا لن نقتلهم بل سنجعلهم يتلاشون وحسب !!
الرئيس:يتلاشون؟!!...بالنسبة لأهل الأرض سيكونون أمواتاً ..
قائد الجيوش:هذا سيكون أفضل بالنسبة لهم..أنت تعلم هذا جيدًا يا سيدى
الرئيس:كم بقى من الوقت حتى نصل؟
قائد الجيوش:بقى أقل من وحدة زمنية واحدة
الرئيس:كم من الوقت ستستغرق هذه العملية؟
قائد الجيوش:عملية التلاشى لن تستغرق وقتاً لكن يلزمنا بعض الوقت لنعرف بالضبط من تورطوا فى إشعال فتيل الحروب
الرئيس: وكيف ستعثرون عليهم؟
قائد الجيوش: لقد توصلنا إلى تقنية سوف تمكننا من الاطلاع على ماضى كل مواطن..نعم سيتجسد لنا تاريخ كل فرد على سطح الأرض..سنرى قراراته وأفعاله... أوامره ونواهيه...سنرى إن كان مسئولاً حقاً أم مجرد ترس فى آله دمار ضخمة...سنعرف إن كان متعطشاً للدماء حقاً أم هو ممن يراق دمه بدون ذنب...سنعرف يا سيدى...سنعرف كل شيء... سنعرف من كان جانياً ومن كان الضحية وما أقل الجناة و ما أكثر الضحايا على سطح هذه البائسة !!
بدا على وجه الرئيس الاهتمام بما قال القائد لكنه لم يجب بشىء...فقط أطلق بصره فى أحد جدران الغرفة سارحاً فى اللامكان...سارحاً ببصره وربما بفكره أيضاً
فى هذه اللحظة دخل الحجرة بعد طرقتين على الباب أحد مساعدى قائد الجيوش ..
المساعد: عذراً على المقاطعة…..لقد وصلنا ..
ببطء اقترب قائد الجيوش من الرئيس وهمس بصوت خفيض..سيدى عليك أن تقرر..هل نبدأ العملية؟
أسند الرئيس رأسه على ساعديه وأطلق زفرة تشى بضيق و غم .. وبصوت لم يسمعه سوى قائد الجيوش أعطى الرئيس أوامره ببدء المرحلة الأولى من العملية ..
***
فى أثناء ذلك وعلى سطح الأرض لم يبد أنه كان هناك من يعلم بأمر سفينة
الفضاء المقاتلة التى تقترب من الأرض بسرعة..كان الجميع..الجميع بلا استثناء
يحاولون النجاة من جحيم الحروب...حروب شبت فى كل أنحاء العالم... الدمار فى كل
مكان.... حرائق وانفجارات أحالت الأرض جحيماً..وطبقات كثيفة من الغبار تخللت طبقات
السماء العليا وربما لهذا السبب لم ير أحد سفينة الفضاء رغم ضخامتها ورغم قربها
الشديد من المجال الجوى للأرض..كانت الحروب قد اشتعلت بين القارات وبعضها ثم تطور
الأمر فأصبحت كل قارة تقاتل جاراتها وفى نفس الوقت دول القارة الواحدة تقاتل بعضها
البعض والضحية فى النهاية كانت هى الشعوب..الشعوب تريد السلام والقادة يشتهون
للدماء بدعوى حماية الشعوب بل وبدعوى السلام أيضاً !!مرت أكثر من أربعين وحدة زمنية وهو ما يعادل أربعة أيام على سطح الأرض... خلال هذه الفترة كانت المعارك على الأرض قد بلغت أوج قذارتها وكان رجال الجيش على المركبة الفضائية قد انتهوا من حصر الجناة الذين تسببوا فى هذه المذابح الشنيعة ..
فى المكتب الخاص بالرئيس وعلى أريكة كبيرة جلس الرئيس وقد بدا على وجهه الارتياح... فى هذه اللحظة دخل عليه قائد الجيوش
الرئيس: ها.. ما الأخبار يا (سورتو) هل انتهيتم ؟
قائد الجيوش:أراك رائق البال سيدى..هل لى أن أسأل عن السبب؟
الرئيس:نعم يا (سورتو) قبل أن نصل كان ضميرى يكاد يقتلنى لوماً وتأنيباً..كنت أظن أننا سنتخلص من أناس أبرياء ربما أقحموا فى الحرب إقحاماً...لكن بعد أن رأيت ما رأيت ارتاح ضميرى كثيراً..إن هؤلاء ليسوا سوى وحوش..وحوش مستعدة لأن تحرق الأرض بما عليها من أجل بعض الألقاب....
قائد الجيوش:لقد أخبرتك سيدى عن هؤلاء البشر..إنهم دمويون ويعشقون العنف ..
الرئيس:ليسوا كلهم كذلك يا (سورتو)...ليسوا كلهم... أخبرنى هل أتممتم عملية الحصر؟
قائد الجيوش: نعم يا سيدى لقد تم حصر كل من تسبب فى هذه المجازر وفى انتظار أوامرك للتعامل معهم
الرئيس: كم بلغ عددهم ؟
صمت قائد الجيوش لثوان ثم أردف فى تردد : مايقرب من..من نصف مليون شخص
لم يتبدل الارتياح البادي على وجه الرئيس بل إنه أعطى أوامره بالبدء فى المرحلة الثانية فبدا تعجب شديد على وجه (سورتو)
قائد الجيوش: هل أنت واثق ياسيدى؟ أراك اتخذت القرار بسرعة..
الرئيس: نعم يا (سورتو) وبأسرع ما يمكن..بعد مارأيت لا يمكننا الانتظار لحظة واحدة..علينا إيقاف هذه المهزلة التى تجرى على الأرض .. هذه مسئولية وألقيت على عاتقنا..هذا النصف مليون بإمكانه أن يقتل أضعاف أضعافه لو شاء ..ابدئوا المرحلة الثانية فى الحال ..
هم قائد الجيوش بالانصراف لكن الرئيس أوقفه بسؤال :
هذا النصف مليون عبارة عن من؟؟....أعنى من الذين تم حصرهم ضمن الجناة المسؤلون عن إشعال فتيل الحروب؟
قائد الجيوش: تضمن الحصر رؤساء الدول ووزراء الدفاع ومساعدوهم وقادة الجيوش و معاونوهم وعدد كبير من قادة الفرق والكتائب المتعطشون للدماء..باختصار سيدى الرئيس حصرنا كل من يملك أن يتخذ قرارًا فى هذه المعارك
الرئيس: حسناً ..ابدأوا حالا
بعد أيام قلائل من إصدار الرئيس أمر البدء فى المرحلة الثانية...وعلى سطح الأرض بدأت بعض التغيرات تحدث...حيث خفت حدة المعارك وهدأت نيران الحرب وانخفضت أعداد الانفجارات والقذائف الملقاة بشكل ملحوظ .. لم تنسحب أى جيوش من أماكنها ولم تواصل المعارك كذلك إذ لم تصلها أى أوامر منذ عدة أيام .. فى البداية كان الناس فى حيرة من أمرهم...القيادات العليا فى كل بلدة لم يعد لها وجود اعتقد البعض أنه تمت تصفيتهم من قبل الدول المعادية لكن لم يكن هناك دليل واحد على هذه الأقاويل...مع الوقت وانقطاع الاتصال مع القادة آثر كل جيش أن ينسحب فى صمت..بعدها بعدة أشهر عم الهدوء أركان الأرض واختفت تماماً أصوات الانفجارات ومناظر القتل والعنف والحرائق..وانقشع الضباب وتبددت سحب الدخان التى غطت سماء العالم لسنوات...وإن بقيت هناك الكثير من الأطلال والمدن المهدمة بالكامل ومئات الآلاف من الجثث فى حاجة للدفن....فى نفس الوقت كان القادة على سفينة الفضاء يتابعون الوضع عن كثب ويراقبون الأمور وهى فى طريقها للهدوء و السكون ..
بعد أن اطمأن القادة أن المهمة تمت بسلام قرروا الرحيل والعودة إلى كوكبهم .. كوكب( نسبارتو).. وإن قرروا أن يعودوا بعد خمسين عاماً بتوقيت الأرض ليطمئنوا على استمرار وبقاء الهدوء والسلام بين أبناء الأرض ..
لكن (سورتو) كان يخاجله بعض الشكوك فى استمرار السلام..كان يتمنى لو يبقون وقتاً أطول فى سماء الأرض ليطمئنوا...كان يشك كثيراً فى نوايا و دواخل أهل الأرض وكان شبه متأكدًا من أن المعارك ستتجدد مرة أخرى ولو بعد حين..أراد سورتو أن يفصح للرئيس عن مخاوفه..لكنه آثر الصمت..إذ لم يكن يريد مزيدًا من البلبلة فى مثل هذا التوقيت ..!!
***
ترقبوا الجزء الثاني