سيد معوض ..
حتى لا يتهمني أحد أني أهاجم جميع المسلمين .. أقولها صريحة ...
أنا أتحدث عن المتشددين الذين يفتون في الفاضية والمليانة .. وعن جهل و علم .. لا أتحدث عن المتدينين المحترمين .. !!
***
ذات يوم انفتح حوار امتد لخمس ساعات كاملة بيني وبين أحد الأصدقاء الذين تغيروا فجأة بعد الثورة .. يعاتبني على هجومي على المتشددين (وليس على السلف أو غيرهم بالذات) .. وعلى أعمالهم التي تكاد تحرق البلاد .. ويا للغرابة !!
فهذا الصديق يستنكر الهجوم على المتشددين مهما فعلوا من حرق كنائس وإشعال فتن .. والسعي وراء (كاميليا) و(عبير) و(باكينام) و(فتكات) ... وحين ذكرته أن كاميليا خرجت في لقاء وأنكرت أن تكون قد أسلمت من الأساس .. أنبأني بأن الكنيسة حتماً قد أجبرتها على هذا القول !!
تذكرت اللقاء .. وطافت بخيالي ابتسامتها الواثقة الساخرة الخبيثة أثناء الحديث .. وخطر ببالي أن فتوى صديقي إن كانت حقيقية .. فكاميليا تستحق جائزة الأوسكار في التمثيل .. ويجب أن يختارها (السبكي) بطلة لفيلمه القادم !!
***
ثم استشهد بكلام الشيخ (محمد حسين يعقوب) .. هل تذكرونه ؟؟ فعلاً ... هو بتاع (غزوة الصناديق) .. !!
وحين أخبرته أني لن أسمع استشهاداً من شيخ وصفني بالعميل ويسعى لطردي من البلاد لمجرد أني اختلفت معه في أمر التعديلات الدستورية .. يصرخ في وجهي : في ناس تانية بتقول كلام ألعن منه وعلى قلبكم زي العسل !!
وأرسل إلي فيديو ليدلل على كلامه .. يظهر السيد مصطفى الفقي جالساً مع إيناس الدغيدي في برنامج ما .. ويتحدث عن رأيه في الرقص الشرقي !!
لا أدري ما علاقة هذا بالموضوع أساساً ... لكني تجاوزته بسرعة حين أرسل فيديو آخر كاد يتسبب في إصابتي بسرطان البنكرياس والطحال معاً !!
***
يقول (عمرو أديب) في فيديو الصديق الميمون ـ الميمون هنا لا علاقة لها بالقرود حتى لا يتهمني حبايبنا بإهانة خلق الله ـ ما علينا ... يقول عمرو أديب أنه لا يريد أن يحكمه "آية الله" ....
وإذا كان المستمع عاقلاً مثقفاً .. يتابع أخبار العالم .. ولا يعتبر القراءة رجساً من عمل الشيطان .. فسيعرف على الفور أنه يقصد رفضه التحول إلى نظام إيران .. حيث يسمي الحاكم هناك نفسه (آية الله) ..
أما إذا كان ـ لا سمح الله ـ متعصباً فحسب دون علم .. و مخه أكثر بياضاً من كشكول طالب فاشل .. فسيعتبر أن (عمرو) يرفض أن يحكمه القرآن !!
وللأسف نجح واحد منهم في تضليل صديقي .. وإقناعه بهذا الرأي !!
بغض النظر عن صحة موقف عمرو أديب من عدمه .. فأنا واثق أنه إذا كان يرفض حكم القرآن لن يطلق عليه حتماً (آية الله) ولن يتحدث بهذا الشكل المباشر .. يذكرني الأمر بأشرار أفلام الكرتون الذين يصرخون بلهجة شريرة : "هاهاها .. نحن الأشرار السيئون نكره الخير والجمال والطبيعة !! " .. فهناك مئات الطرق للتلميح .. ولن يغلب إعلامي قديم مثل عمرو أديب في إيجاد ألفاظ مناسبة تعبر عن رفضه للقرآن ـ إن كان صحيحاً ـ لا يستطيع أحد إمساكها عليه ...
كدة .. ولا إيه ؟؟
***
***
حين أخبرت صديقي برأيي صرخ في وجهي (لا أدري حقاً كيف كان يصرخ رغم أن حديثنا كان عبر الفيس بوك !!) بأنه إذا كان عمرو يقصد هذا فعلاً فلماذا لم يصرح بهذا الرأي مباشرة ؟؟
أردت أن أخبره أن المعنى واضح وضوح الصرصار في الكابينيه ... لكني سكت و صهينت ـ صهينت هنا لا علاقة لها بالصهيونية ... إهداء إلى حبايبنا ـ إيثاراً للسلامة !!
***
هل تشعر الآن كما أشعر ؟؟؟ بالفعل !
بماذا بدأ هذا الحوار أساساً ؟؟ وكيف وصلنا إلى هذه المنطقة أصلاً ؟؟
كنت أقول أننا لا يمكن أن نهاجم متدينين محترمين من السلف أو غيرهم .. وأننا فقط ننتقد المتشددين الذين يخالفون كل القواعد باسم الدين .. وتصرفاتهم مرفوضة من الجميع .. حتى من القيادات السلفية المحترمة نفسها !!
فإذا بالحوار ينحرف إلى إيناس الدغيدي والرقص الشرقي وغزوة الصناديق والبنكرياس وعمرو أديب والصراصير في تتابع درامي مبدع يصلح فيلماً هندياً يقوم ببطولته (أميتاب باتشان) نفسه !!
خاصة بعد انتهاء الحوار ـ بعد خمس ساعات ـ على فاشوش .. مع وعد بلقاء في الكلية نستكمل فيه الحوار"الشيق"..
و تمنيت من أعماق طحالي أن تحدث كارثة لي قبل اللقاء .. أو تقوم إسرائيل بغارة تستهدف نسف الكلية بما فيها !!
لكن اللقاء لم يتم فعلاً .. رغم اختفاء الكوارث..و ندالة إسرائيل مع العبد لله .. ولكن لسبب مختلف تماماً هو .. رسالة !!
***
في نفس اليوم .. وقبل منتصف الليل بدقائق .. أرسل صديقي إلي رسالة تحوي فيديو من اليوتيوب .. يدافع عن الشيخ يعقوب في موضوع غزوة الصناديق الذي كان له فيه (من وجهة نظر صانع الفيديو) كل الحق .. وأن سر سعادته كان الحفاظ على المادة الثانية من الدستور ..ودليله في هذا آراء بعض الملحدين الذين يهاجمون المادة الثانية !
قبل كل شيء أؤكد أني من مؤيدي بقاء المادة الثانية بالدستور .. خاصة أن الشريعة الإسلامية أصلاً تلزمنا بمعاملة غير المسلمين بشريعتهم هم .. احتراماً لجميع الأديان .. مما يعني مصلحة كل فرد يعرف دينه معرفة حقة !!
لكن أغاظني جداً أن يقول لي صديقي في الرسالة (شوف الفيديو واعرف الرأي اللي عكس رأيك) ... !!
كان ردي عليه حازماً تلخص في عدة أسئلة .. أولها أن المادة الثانية موجودة في الدستور منذ وضعه ولا يعمل بها .. فما هو حال الإسلام الآن ؟؟
ثانياً ..المجلس العسكري بعد ظهور نتيجة الاستفتاء قام بإلغاء الدستور و إصدار إعلان دستوري جديد .. ألم يكن المجلس سيفعل المثل حتى لو كانت نتيجة الاستفتاء هي الرفض ؟؟ إذن المادة الثانية لم يكن لها علاقة بالاستفتاء من الأساس !!
ثالثاً وهو الأهم .. الشيخ يعقوب نفسه خرج علينا واعتذر عن كلامه السابق .. وأكد أنه مجرد هزار !!
إذن صديقي العزيز يدافع عن كلام الشيخ .. في حين أن الشيخ نفسه تراجع عنه !!!!
وأرفقت برسالتي فيديو للد. محمد سليم العوا .. ينتقد فيها تصريحات الشيخ يعقوب .. ويصفها بزلة اللسان !!
ثم عاتبته على اعتباري كافراً يحاول هدايته .. لكن صديقي أرسل إلي رداً غاضباً يخبرني فيه أنه لن يرد علي وأنه لا يقصد تكفيري..بل يقصد معنى آخر لن يقوله لي !!
فأجبته بكل غتاتة الدنيا : "ماتقولش !"
***
أعرف السؤال الذي يدور في ذهنك الآن .. ما علاقة سيد معوض بكل هذا ؟؟
أصل الحكاية أن صديقي هذا إسماعلاوي صميم .. وأنا أهلاوي مجنون بالفانلة الحمراء ..
وأذكر أن أهم جدال طويل بيننا كان عن انتقال سيد معوض إلى الأهلي بعد عشرة أعوام من اللعب للإسماعيلي ..!!
تذكرت سيد معوض أثناء هذا الحوار الخنفشاري الذي بدأ بالمتشددين وانتهى بـ"ماتقولش" مروراً بالصرصار والكابينيه .
وضبطت نفسي متلبساً ـ للأسف ـ بالحنين إلى الأيام السابقة للثورة .. حين كانت كرة القدم هي همنا الأكبر .. وكنا نتابع أخبار "ميدو" أكثر مما نتابع د. زويل ود. الباز .. !!
اشتقت إلى حوارات التعصب الرياضي الذي كان ينتهي على خير غالباً .. ولا تترك خلفها قتلى ولا صداقات مقطوعة ..
أما الآن فأخشى أن البلاد كلها تسير نحو منعطف مجهول لا أحد يدري إلى أين سيقودنا !!
لذا يجب أن نستيقظ من غفلتنا .. ونمحي ظلام الروح من داخلنا .. وإلا سيأتي يوم نتذكر فيه بعد كل معركة طائفية الأيام الباسمة قبل الثورة ... و أقول أنا بصوت خفيض وأنا أسير وسط حمامات الدم :
ـ "سيد معوض !!"