قشة في مهب الريح ! (الجزء الثاني)
في الجزء الماضي ذكرت بعض الأسئلة المتحذلقة التي أعلم أنها بلا إجابة !!
ثم تحدثت عن السلبيين والدهماء وأشياء أخرى من هذا النوع .. ثم ختمته بعبارة سخيفة هي "لكن فى حقيقة الأامر وما وراء الكواليس أن..................أن ماذا ؟...أعتقد أن هذه الجرعة كافية حتى الآن والبقية تأتى فى الجزء الثانى" .. صارت الأمور واضحة ؟؟ فلنتابع المقال !!
ثم تحدثت عن السلبيين والدهماء وأشياء أخرى من هذا النوع .. ثم ختمته بعبارة سخيفة هي "لكن فى حقيقة الأامر وما وراء الكواليس أن..................أن ماذا ؟...أعتقد أن هذه الجرعة كافية حتى الآن والبقية تأتى فى الجزء الثانى" .. صارت الأمور واضحة ؟؟ فلنتابع المقال !!
***
وهناك من يقنعون أنفسهم بأنهم يفكرون ويحللون
.. يقنعون أنفسهم ويحاولون إقناعنا بأنهم عقلانيون ومنطقيون وأنهم بالحق ينطقون ..
لكن في حقيقة الأمر وما وراء الكواليس أن ما ينطقون به هو ليس كلامهم وأن هذه الافكار
ليست نابعة منهم, أي أن أحداً منهم لم يجلس مع نفسه من قبل وأخذ يفكر فى أمر ما وبعدها
يحدد وجهة نظره ورأيه الخاص بل إن هناك من يقولون لهم فيرددون .. يأمرونهم فيفعلون
.. يفكرون لهم وهم عن ذلك راضون .... و ربما تحدثهم أنفسهم أحيانا بأن ما سمعوه بدا
أنه أمر ليس مقنعاً تمام الإقناع وأنه لو لم يكن على هذه الشاكلة لكان أكثر إقناعا
ومنطقية ... وتهم عقولهم بالتفكير .. لكن فجأة يتذكرون شيئًا فى غاية الأهمية ....
إذ كيف ستواتينى الجرأة أن أفكر فأراجع وربما أعترض وأغير فيما سمعت ... وقد سمعته
من جهبذ من الجهابذة و ولى من أولياء الله الصالحين .. وأسطورة تمشى على الأرض بل وربما
تطير فى السماء ... فما سمعت هو وحى يوحى. .. لا يقبل الجدال أو النقاش أو حتى التفكير
فى مدى صدقه وصحته ... وبسرعة تتوقف هذه الآلة التى داخل أدمغتهم المسماة بالعقل وتتحول
إلى كرة صماء لافائدة ولا وظيفة لها إلا أن تردد ما تسمعه بالضبط كأى ببغاء أسترالى
أصيل ..
نحن ولدنا
فى مجتمع واحد ويمكننى أن أجزم أنه مجتمع فى ـ أغلبه ـ مريض و تملأه أفكار مريضة هدامة
تحض على الكراهية والحقد وتشجع على الغل والحسد وبدون الخوض فى هذه الأفكار .. فما
أريد أن أقول أننا لا يجب أن نسلم بأن "كل" الأفكار التى وجدناها فى مجتمعنا
هى أفكار حق وأن ما دونها باطل .. يجب فقط أن نفكر ملياً فيما نرى ونسمع من أفكار و
آراء كل يوم و أن نحكم إن كانت خيراً أم شراً .. حقاً أم باطلاً .. يجب أن نحكم العقل
وليس العاطفة ... لا يجب أن نسمح لمجتمع تملأه أفكار مريضة أن يسيطر على عقولنا و أن
يرسم لنا الطريق الذى يريد لنا أن نسير فيه .. بل يجب أن يكون القرار قرارنا وألا نسمح
بأن تنتهى شخصيتنا وتتلاشى فى ظل هوجة ليست بجديدة من الأفكار المريضة الهدامة ...
يجب أن نقرر إما أن ننتهج هذه الأفكار أو نتركها ونحاربها وهذا القرار يجب أن يكون
نابعاً منا بعد تفكير وتحليل دون تأثير من أفراد أو من مجتمع ... فإما أن نرى أو يرى
المجتمع لنا .. ببساطة نحن ولدنا أطفالا ولا يجب أن نموت أطفالاً فهناك ثلاثة أنواع
من البشر يفكر المجتمع و يقرر لهم .. الأطفال .. المجانين .. والحمقى ..
وهناك من تؤرقهم بعض الأمور فيبدأون فى التفكير
لكنهم لا يلبثوا أن يستسلموا ويسلموا بأنهم لن يصلوا إلى شيء ولو قضوا أعمارهم كلها
في التفكير .. فهم يحقرون جداً من شأن عقولهم ويصغرونها تصغيراً وينظرون إليها نظرة
استخفاف و احتقار إذ لا يدركون قيمة عقولهم وما هى قادرة عليه وما بإمكانها أن تتوصل
إليه ...ولا يعرفون أهميه التفكير فى تكوين شخصيتهم وإن لم يعثروا على إجابات لأسئلتهم
... وهؤلاء ليست لديهم الجرأة على السؤال و التفكير ... لماذا؟ .. لأن هناك من يحاول
أن يضيق علينا و يخنق أفكارنا قبل أن تولد وترى الشمس ...هناك أفراد وجماعات سلطويون
متسلطون ظنوا أنهم احتكروا الحقيقة ... ألموا بالعلم .. وامتلكوا الحكمة ... وهم يحاولون
أن يشوهوا ويعكروا صورة التفكير فى أذهاننا ويعملون جاهدين على إلغاء عقولنا والتفكير
لنا بدلاً منا ...هناك من يظنون أننا تلاميذ سذج في مدرسة فاشلة لا طاقة لنا ولا حيلة
.. وأن علينا أن نوافق ولا نعترض .. نؤمر فنطيع .. نستمع ولا نناقش .. ونردد ما نسمعه
دون تفكير أو تفسير ... فهم دائماً على الحق و ما يقولونه حق و ما يفعلونه حق وما دون
ذلك هو باطل .
وهؤلاء
يشوهون لنا التفكير بأن يشوهوا لنا رواده و عظماءه ... و يسبونهم فى محياهم و مماتهم
و يتهمونهم بالكفر و الإلحاد .. اسأل أى شخص عن "مصطفى محمود" سيقول لك أنه
ملحد .. وعندما تسأل هل قرأت له ما يجعلك تقول عنه هذا ؟ يرد بالنفى .. لكنه يؤكد لك
أنهم قالوا..من الذين قالوا؟ ... حسنًا أعتقد أننا الآن عرفنا من الذين قالوا .. وهذا
مثال بسيط يؤكد أننا مجتمع يسمع فيردد من دون أن يفكر أو يتحقق مما سمع .. مجتمع الأمور
كلها عنده أصبحت حقيقة مطلقة .. حقيقة لا يصح ولا يجوز التحقق من حقيقتها ..
وهذا ما كان يفعله النظام السابق لكن من دون تكفير
أو تشويه إنما بالإقصاء فكان يتعمد إقصاء العلماء والمفكرين من المجتمع فلا ينتهج المجتمع
نهجهم ويظل هائماً على وجهه أعمى يظن نفسه
بصيرًا ... ساخطاً ويقنع نفسه بأنه راض ... مجرد ترس فى الآلة الكبيرة كما يقولون ..
لا يفكر ولا يغضب ولا يقرر مصيره بيده إنما هناك من رسموا له الطريق الذى قرروا له
أن يسير عليه ... لأنه فقد عقله وتفكيره .. ففقد آدميته و إنسانيته .. فلم يعد هناك
فرق بينه و بين الحيو .. آآ ... بينه و بين الكائنات الأخرى .. !!
لذلك عليك أن تصنف نفسك وانظر أين ستجدها .. هل
ستجد نفسك تابعًا أم متبوعاً .. مستقلاً بفكرك .. أم مرهوناً بإشارة ورأى الآخرين ..
إنساناً عاقلاً منطقياً مفكراً .. ـ حراً ـ أم أنك مجرد ببغاء مقلد مقيد ..
"أنا لا أخشى على الإنسان الذى لا يفكر وإن
ضل .. لأنه سيعود إلى الحق ... لكنى أخشى على الإنسان الذى لا يفكر وإن اهتدى...لأنه
سيكون كالقشة في مهب الريح ."
الإمام
:محمد الغزالي